سورة النساء - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)}
{وَلَيْسَتِ التوبة} الآية: في الذين يصرون على الذنوب إلى حين لا تقبل التوبة، وهو معاينة الموت فإن كانوا كفاراً فهم مخلدون في النار بإجماع، وإن كانوا مسلمين فهم في مشيئة الله إن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم. فقوله: أعتدنا لهم عذاباً أليماً ثابت في حق الكفار ومنسوخ في حق العصاة من المسلمين؛ بقوله: {إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ} [النساء: 48] فعذابهم مقيد بالمشيئة.


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)}
{لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النسآء} قال ابن عباس: كانوا في الجاهلية إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته؛ إن شاؤوا تزوّجها أحدهم، وإن شاؤوا زوّجوها من غيرهم، وإن شاؤوا منعوها التزوّج، فنزلت الآية في ذلك، فمعنى الآية على هذا: لا يحل لكم أن تجعلوا النساء يورثن عن الرجال، كما يورث المال، وقيل: الخطاب للأزواج الذين يمسكون المرأة في العصمة، ليرثوا مالها من غير غبطة بها، وقيل: الخطاب للأولياء الذين يمنعون ولياتهم من التزوّج ليرثوهن دون الزوج {وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ} معطوف على ان ترثوا أو نهي والعضل المنع، قال ابن عباس: هي أيضاً في أولياء الزوج الذين يمنعون زوجته من التزوّج بعد موته، إلاّ أنّ قوله: ما آتيتموهن، ويقويه قوله: {وَعَاشِرُوهُنَّ بالمعروف}، فإن الأظهر فيه أن يكون في الأزواج، وقد يكون في غيرهم، وقيل: هي للأولياء {إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بفاحشة مُّبَيِّنَةٍ} قيل: الفاحشة هنا الزنا، وقيل: نشوز المرأة وبغضها في زوجها، فإذا نشزت جاز له أن يأخذ ما آتاها من صداق أو غيره ذلك من مالها، وهذا جائز على مذهب مالك في الخلع، إذا كان الضرر من المرأة، والزنا أصعب على الزوج من النشوز، فيجوز له أخذ الفدية {فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ} الآية: معناها إن كرهتم النساء لوجه فاصبروا عليه، فعسى أن يجعل الله الخير في وجه آخر، وقيل: الخير الكثير الولد، والأحسن العموم، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن سخط منها خلقاً رضي آخر».


{وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20)}
{وَإِنْ أَرَدْتُّمُ استبدال زَوْجٍ} الآية: معناها المنع من أن يأخذ الرجل من المرأة فدية على الطلاق إن أراد أن يبدلها بأخرى، وعلى هذا جرى مذهب مالك وغيره في المنع من الفدية إذا كان الضرر وأرادت الفراق من الزوج، فقال قوم: إنّ هذه الآية منسوخة بقوله في البقرة: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ} [الآية: 229]، وقال قوم: هي ناسخة، والصحيح أنها غير ناسخة ولا منسوخة، فإنّ جواز الفدية على وجه ومنعها على وجه، فلا تعارض ولا نسخ {قِنْطَاراً} مثال على جهة المبالغة في الكثرة، وقد استدلت به المرأة على جواز المغالاة في المهر حين نهى عمر بن الخطاب عن ذلك فقال عمر رضي الله عنه: امرأة أصابت، ورجل أخطأ، كل الناس أفقه منك يا عمر.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8